حجم الخط
البطلان هما "إيك" من السويد و"باولينا" من إيطاليا ، تزوجا منذ اثنتين وأربعين سنة، رزقهما الله بابنتين ثم حفيدين، وما يزالان مولعين ببعضهما كأنهما في ميعة الشباب. أما كيف تعارفا، فهذه هي قصتهما.
عندما بلغ "إيك" العشرين عمل بحارا على متن إحدى السفن السويدية التي تمخر البحار بعيدا عن منزله في جوتنبرج. كان وحيدا من غير رفيق،
قال "إيك" موضحا نفسه آنذاك : "لم يكن سهلا على البحار التعرف على امرأة حقيقية لأنه لا يستقر في مكان، ولما كان ذلك صعبا بحثت عنها في الخيال".
في إحدى الرحلات في عرض البحر،وجد "إيك" نفسه يكتب رسالة إلى المجهول، وضعها في زجاجة الحليب الفارغة ثم رماها في البحر، وقد كتب فيها :" أنا بحار أشعر بوطأة الوحدة القاتلة،عمري عشرون سنة، أتمنى أن أتعرف على شابة متميزة، عمرها من الخامسة عشرة حتى العشرين، تقبل الصداقة بالمراسلة، أرجو أن ترسل صورتها إذا قبلت صداقتي إلى العنوان التالي: إيك ويكنج- أي.س. اتش غوتنبرغ- السويد".
بعد مدة كتب رسالة ثانية ثم ثالثة حتى بلغ عددها خمسا.
كانت "باولينا بوزو" وعمرها 15 سنة، تعيش وقتئذ في سيراكوزا في صقلية مع أسرتها الكبيرة التي تتألف من اثني عشر فردا بالإضافة إلى الأب والأم. كانوا فقراء معدمين، وحياتهم كفاح متواصل من أجل لقمة العيش.
كان والدها يذهب إلى البحر بعد انتهاء العمل ويصطاد ما يرزقه الله به، عاد في أحد الأيام وقال لأولاده باسما : "احزروا ماذا اصطدت اليوم؟! ، ثم أخرج زجاجة الحليب وفي داخلها الرسالة. قرأوا الرسالة لكنهم لم يفهموا شيئا، لم يكن أحد منهم يعرف اللغة السويدية، أهملها بعضهم، واهتم بها البعض الآخر إذ لم يكن هناك شئ آخر يشغلهم. أخذوها إلى أحد أعيان القرية فترجمها لهم.
قالت "باولينا"، عمرها الآن 58 عاما عن تلك الفترة : "فرحنا بالرسالة في زجاجة الحليب، وشعرنا بالعطف على ذلك البحار السويدي الذي يريد صديقة بالمراسلة.
تحمست أختي الكبرى للجواب على رسالته، فلم يمانع والدي.
لكنني أحببت أن أكتب له، فتكلمت مع والدي وأقنعته، ثم كتبنا رسالتين وأرسلناهما في ظرف واحد".
كان "إيك" يتكلم مع والدته على الهاتف من السفينة في البحر، عندما أخبرته أن هناك رسالة مسجلة باسمه. خطر له أنها استدعاء للخدمة العسكرية، فطلب منها ألا تستلمها، ثم نسي أمرها. لكنه عندما عاد إلى منزله في إجازة، أتى ساعي البريد وسلمها له.
أعجبته "باولينا" فكتب لها مرفقا صورة له. أجابت "باولينا" مع صورة لها ، ثم تتابعت الرسائل بينهما. كان تبادلا للرسائل غريبا من نوعه، إيك لا يعرف اللغة الايطالية ويكتب بالسويدية، و"باولينا" لا تعرف السويدية وتكتب بالايطالية.
وكلما استلم أحدهما رسالة من الآخر، أخذ يبحث عن مترجم لها.ساعد "إيك "في الترجمة أحد البحارة الأسبانيين الذي يعرف الايطالية قليلا، وساعد "باولينا" الرجل العجوز في القرية.أخيرا قرر"إيك" أن يزور صقلية ويقابل "باولينا" فترك السفينة في مارس / 1957 ،وسافر إلى هناك.
وجد "إيك" القرية كلها ترحب به كأنه أحد الأبطال العائدين من الحرب. أقاموا مأدبة على شرفه ، وقدموا له طعاما لم يذق مثله في حياته.يقول "إيك" عن ذلك الاستقبال : "لا أستطيع أن أنساه طوال حياتي، حتى الآن ما زلت أتذكر طعم السباجيتي ويسيل له لعابي، ونحن في السويد تعودنا أن خدم أنفسنا أثناء الطعام ،لقد ملأ والد باولينا طبقي،ثم أخذ يضيف إليه كلما نقص، من آداب المائدة عندنا أن نتناول الطعام في الطبق كله، حاولت جاهدا حتى أوقفت والدها عن وضع الطعام في طبقي…إني أذكر تلك الأيام بالشوق والحنين".
بعد أسبوعين عقدا خطبتهما، ثم سافر "إيك" إلى السويد، فانتقلت العلاقة بينهما إلى مرحلة الاختبار. كان كل واحد بعيدا عن الآخر ، ولا يتقن لغة الآخر.
يضاف إلى ذلك أن الحياة في السويد غير الحياة في صقلية، وعلى "إيك" أن يؤدي الخدمة العسكرية .
لم يمض سوى شهر واحد حتى كان "إيك" مع والديه في صقلية لعقد قرانه على "باولينا" ، ثم أخذها عائدا إلى السويد،و سكن معها في منزل والديه ريثما ينتهي من الخدمة العسكرية.
هناك وضعت باولينا طفلتها الأولى "بريتا ،ثم بعد ثلاث سنوات رزقها الله بـ"سابينا" في منزل جديد.
تقول باولينا: "إيك أجمل وألطف رجل في العالم. إننا نعيش معا حياة دائمة الاخضرار لا تذوي أوراقها ولا تتساقط على مر الأيام وتعاقب الفصول. لم نتشاجر مرة واحدة.لم نتجادل، ولم يرفع صوته علىّ مرة واحدة.كنا اثنين ، لكننا عشنا شخصا واحدا، كل واحد منا يعرف ويشعر بما يريد الآخر دون كلام…أحيانا أفكر وأستغرب ما قد جرى،لكني أقول لكل إنسان نصيب،ونصيبي أتى في زجاجة حليب فارغة".
قال إيك مازحا :"أحيانا أتساءل ماذا حصل للرسائل في الزجاجات الأخرى.ماذا لو وجد إحداها شخص وكتب رسالة لي الآن…إذا حدث هذا،أتمنى أن يكون من سيراكوزا في صقلية"
187 : تسجيلات الاعجاب | |
4,521 : مرات المشاهدة | 2017-05-13 :تاريخ أضافة القصة |
أكتب تعليق جديد
Susu • منذ 5 سنوات
القصة ولا اروع من هيك بس كنت رايدة اعرف كيف كانو يحكو مع بعض وهن ما بيعرفو اللغةبس القصة بتجننن ا |
آلاء محمد • منذ 6 سنوات
انا الأولى في كتابة التعليق. ...روووووووووووووووووووووووووووووعة |